كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: سيلت له عين من نحاس ثلاثة أيام، وفي البحر عن ابن عباس.
والسدي ومجاهد قالوا: أجريت له عليه السلام ثلاثة أيام بلياليهن وكانت بأرض اليمن، وفي رواية عن مجاهد أن النحاس سال من صنعاء وقيل: كان يسيل في الشهر ثلاثة أيام.
{وَمِنَ الجن مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ} يحتمل أن يكون الجار والمجرور متعلقًا بمحذوف هو خبر مقدم و {مِنْ} في محل رفع مبتدأ ويحتمل أن يكون متعلقًا بمحذوف وقع حالًا مقدمًا من {مِنْ} وهي في محل نصب عطف على {الريح} وجوز أن يكون {مّن الجن} عطفًا على الريح على أن من للتبعيض و {مَن يَعْمَلُ} بدل منه وهو تكلف و {يَعْمَلُ} إما منزل منزلة اللازم أو مفعوله مقدر يفسره ما سيأتي إن شاء الله تعالى ليكون تفصيلًا بعد الإجمال وهو أوقع في النفس {بِإِذْنِ رَبّهِ} بأمره عز وجل {وَمِنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا} أي ومن يعدل منهم عما أمرناه به من طاعة سليمان عليه السلام.
وقرىء {يَزِغْ} بضم الياء من أزاغ مبنيًا للفاعل ومفعوله محذوف أي من يمل ويصرف نفسه أو غيره، وقيل مبنيًا للمفعول فلا يحتاج إلى تقدير مفعول {نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السعير} أي عذاب النار في الآخرة كما قال أكثر المفسرين وروي ذلك عن ابن عباس، وقال بعضهم: المراد تعذيبه في الدنيا.
روي عن السدي أنه عليه السلام كان معه ملك بيده سوط من نار كل ما استعصى عليه جنى ضربه من حيث لا يراه الجني.
وفي بعض الروايات أنه كان يحرق من يخالفه، واحتراق الجني مع أنه مخلوق من النار غير منكر فإنه عندنا ليس نارًا محضة وإنما النار أغلب العناصر فيه.
{يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن محاريب}.
جمع محراب وهو كما قال عطية القصر، وسمي باسم صاحبه لأنه يحارب غيره في حمايته، فإن المحراب في الأصل من صيغ المبالغة اسم لمن يكثر الحرب وليس منقولًا من اسم الآلة وإن جوزه بعضهم، ولابن حيوس:
جمع الشجاعة والخشوع لربه ** ما أحسن المحراب في محرابه

ويطلق على المكان المعروف الذي يقف بحذائه الإمام، وهو مما أحدث في المساجد ولم يكن في الصدر الأول كما قال السيوطي وألف في ذلك رسالة ولذا كره الفقهاء الوقوف في داخله.
وقال ابن زيد: المحاريب المساكن، وقيل ما يصعد إليه بالدرج كالغرف، وقال مجاهد: هي المساجد سميت باسم بعضها تجوزًا على ماق يل، وهو مبني على أن المحراب اسم لحجرة في المسجد يعبد الله تعالى فيها أو لموقف الإمام.
وأخرج ابن المنذر وغيره عن قتادة تفسيرها بالقصور والمساجد معًا، وجملة {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء} استئناف لتفصيل ما ذكر من عملهم، وجوز كونها حالًا وهو كما ترى {وتماثيل} قال الضحاك: كانت صور حيوانات، وقال الزمخشري: صور الملائكة والأنبياء والصلحاء كانت تعمل في المساجد من نحاس وصفر وزجاج ورخام ليراها الناس فيعبدوا نحو عبادتهم وكان اتخاذ الصور في ذلك الشرع جائزًا كما قال الضحاك وأبو العالية.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس أنه قال في الآية اتخذ سليمان عليه السلام تماثيل من نحاس فقال: يا رب انفخ فيها الروح فإنها أقوى على الخدمة فينفخ الله تعالى فيها الروح فكانت تخدمه واسنفديار من بقاياهم؛ وهذا من العجب العجاب ولا ينبغي اعتقاد صحته وما هو إلا حديث خرافة، وأما ما روي من أنهم عملوا له عليه السلام أسدين في أسفل كرسيه ونسرين فوقه فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما فأمر غير مستبعد فإن ذلك يكون بآلات تتحرك عند الصعود وعند القعود فتحرك الذراعين والأجنحة، وقد انتهت صنائع البشر إلى مثل ذلك في الغرابة، وقيل: التماثيل طلسمات فتعمل تمثالًا للتمساح أو للذباب أو للبعوض فلا يتجاوزه الممثل به ما دام في ذلك المكان، وقد اشتهر عمل نحو ذلك عن الفلاسفة وهو مما لا يتم عندهم إلا بواسطة بعض الأوضاع الفلكية، وعلى الباب الشهيرة بباب الطلسم من أبواب بغداد تمثال حية يزعمون أنه لمنع الحيات عن الإيذاء داخل بغداد ونحن قد شاهدنا مرارًا أناسًا لسعتهم الحيات فمنهم من لم يتأذ ومنهم من تأذى يسيرًا ولم نشاهد موت أحد من ذلك وقلما يسلم من لسعته خارج بغداد لكن لا نعتقد أن لذلك التمثال مدخلًا فيما ذكر ونظن أن ذاك لضعف الصنف الموجود في بغداد من الحيات وقلة شره بالطبيعة، وقيل كانت التماثيل صور شجر أو حيوانات محذوفة الرءوس مما جوز في شرعتنا، ولا يحتاج إلى التزام ذلك إلا إذا صح فيه نقل فإن الحق أن حرمة تصوير الحيوان كاملًا لم تكن في ذلك الشرع وإنما هي في شرعنا ولا فرق عندنا بين أن تكون الصورة ذات ظل وأن لا تكون كذلك كصورة الفرس المنقوشة على كاغد أو جدار مثلًا.
وحكى مكي في الهداية أن قومًا أجازوا التصوير وحكاه النحاس أيضًا وكذا ابن الفرس واحتجوا بهذه الآية.
وأنت تعلم أنه ورد في شرعنا من تشديد الوعيد على المصورين ما ورد فلا يلتفت إلى هذا القول ولا يصح الاحتجاج بالآية، وكأنه إنما حرمت التماثيل لأنه بمرور الزمان اتخذها الجهلة مما يعبد وظنوا وضعها في المعابد لذلك فشاعت عبادة الأصنام أو سدًا لباب التشبه بمتخذي الأصنام بالكلية {وَجِفَانٍ} جمع جفنة وهي ما يوضع فيها الطعام مطلقًا كما ذكره غير واحد، وقال بعض اللغويين: الجفنة أعظم القصاع ويليها القصعة وهي ما تشبع العشرة ويليها الصحفة وهي ما تشبع الخمسة ويليه المئكلة وهي ما تشبع الاثنين والثلاثة ويليها الصحيفة وهي ما تشبع الواحد، وعليه فالمراد هنا المطلق لظاهر قوله تعالى: {كالجواب} أي كالحياض العظام جمع جابية من الجباية أي الجمع فهي في الأصل مجاز في الطرف أو النسبة لأنها يجبى إليها لا جابية ثم غلبت على الإناء المخصوص غلبة الدابة في ذوات الأربع، وجاء تشبيه الجفنة بالجالية في كلامهم من ذلك قول الأعشى:
نفي الذم عن آل المحلق جفنة ** كجابية السيح العراقي تفهق

وقول الأفوه الأودي:
وقدور كالربى راسية ** وجفان كالجوابي مترعة

وذكر في سعة جفان سليمان عليه السلام أنها كانت على الواحدة منها ألف رجل.
وقرىء {كالجوابي} بياء وهو الأصل وحذفها للاجتزاء بالكسرة وإجراء أل مجرى ما عاقبها وهو التنوين فكما يحذف مع التنوين يحذف مع ما عاقبه {كالجواب وَقُدُورٍ} جمع قدر وهو ما يطبخ فيه من فخار أو غيره وهو على شكل مخصوص {رسيات} ثابتات على الأثافي لا تنزل عنها لعظمها قاله قتادة، وقيل: كانت عظيمة كالجبال وقدمت المحاريب على التماثيل لأن الصور ترفع في المحاريب أو تنقش على جدرانها، وقدمت الجفان على القدور مع أن القدور آلة الطبخ والجفان آلة الأكل والطبخ قبل الأكل لأنه لما ذكرت الأبنية الملكية ناسب أن يشار إلى عظمة السماط الذي يمد فيها فذكرت الجفان أولًا لأنها تكون فيها بخلاف القدور فإنها لا تحضر هناك كما ينبىء عنه قوله تعالى: {رسيات} على ما سمعت أولًا، وكأنه لما بين حال الجفان اشتاق الذهن إلى حال القدور فذكرت للمناسبة.
{اعملوا ءالَ دَاوُودُ شاكرا} بتقدير القول على الاستئناف أو الحالية من فاعل {سَخَّرْنَا} المقدر وآل منادي حذف منه حرف النداء و {شاكرا} نصب على أنه مفعول له، وفيه إشارة إلى أن العمل حقه أن يكون للشكر لا للرجاء والخوف أو على أنه مفعول مطلق لا عملوا لأن الشكر نوع من العمل فهو كقعدت القرفصاء، وقيل: لتضمين {اعملوا} معنى اشكروا، وقيل: لاشكروا محذوفًا أو على أنه حال بتأويل اسم الفاعل أي اعملوا شاكرين لأن الشكر يعم القلب والجوارح أو على أنه صفة لمصدر محذوف أي اعملوا عملًا شكرًا أو على أنه مفعول به لاعملوا فالكلام كقولك عملت الطاعة، وقيل: إن اعملوا أقيم مقام اشكروا مشاكلة لقوله سبحانه: {يعملون}.
وقال ابن الحاجب: أنه جعل مفعولًا به تجوزًا.
وأيًا ما كان فقد روي ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال: لما قيل لهم اعملوا آل داود شكرًا، لم يأت ساعة على القوم إلا ومنهم قائم يصلي، وفي رواية كان مصلى آل داود لم يخل من قائم يصلي ليلًا ونهارًا وكانوا يتناوبونه وكان سليمان عليه السلام يأكل خبز الشعير ويطعم أهله خشادته، والمساكين الدرمك وهو الدقيق الحواري وما شبع قط؛ وقيل: له في ذلك فقال: أخاف إذا شبعت أن أنسي الجياع، وجوز بعض الأفاضل دخول داود عليه السلام في الآل هنا لأن آل الرجل قد يعمه.
ويؤيده ما أخرجه أحمد في الزهد: وابن المنذر.
والبيهقي في شعب الإيمان عن المغيرة بن عتيبة قال: قال داود عليه السلام يا رب هل بات أحد من خلقك أطول ذكرًا مني فأوحى الله تعالى إليه الضفدع وأنزل سبحانه عليه عليه السلام {اعملوا ءالَ دَاوُودُ شاكرا} فقال داود عليه السلام كيف أطيق شكرك وأنت الذي تنعم علي ثم ترزقني على النعمة الشكر فالنعمة منك والشكر منك فكيف أطيق شكرك؟ فقال جل وعلا: يا داود الآن عرفتني حق معرفتي.
وجاء في رواية ابن أبي حاتم عن الفضيل أنه عليه السلام قال يا رب: كيف أشكرك والشكر نعمة منك؟ قال سبحانه: الآن شكرتني حين علمت النعم مني، وكذا ما أخرجه الفريابي: وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: قال داود لسليمان عليهما السلام: قد ذكر الله تعالى الشكر فاكفني قيام النار أكفك قيام الليل قال: لا أستطيع قال: فاكفني صلاة النهار فكفأه {وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِىَ الشكور} قال ابن عباس: هو الذي يشكر على أحواله كلها، وفي الكشاف هو المتوفر على أداء الشكر الباذل وسعه فيه قد شغل به قلبه ولسانه وجوارحه اعترافًا واعتقادًا وكدحًا وأكثر أوقاته، وقال السدي: هو من يشكر على الشكر، وقيل: من يرى عجزه عن الشكر لأن توفيقه للشكر نعمة يستدعي شكرًا آخر لا إلى نهاية، وقد نظم هذا بعضهم فقال:
إذا كان شكري نعمة الله نعمة ** علي له في مثلها يجب الشكر

فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله ** وإن طالت الأيام واتسع العمر

إذا مس بالنعماء عم سرورها ** وإن مس بالضراء أعقبها الأجر

وقد سمعت آنفًا ما روي عن داود عليه السلام، وهذه الجملة يحتمل أن تكون داخلة في خطاب آل داود وهو الظاهر وأن تكون جملة مستقلة جىء بها إخبارًا لنبينا صلى الله عليه وسلم وفيها تنبيه وتحريض على الشكر.
وقرأ حمزة {عِبَادِى} بسكون الياء وفتحها الباقون.
{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الموت}.
قيل أي أوقعنا على سليمان الموت حاكمين به عليه، وفي مجمع البيان أي حكمنا عليه بالموت، وقيل: أوجبناه عليه، وفي البحر أي أنفذنا عليه ما قضينا عليه في الأزل من الموت وأخرجناه إلى حيز الوجود، وفيه تكلف، وأيًا ما كان فليس المراد بالقضاء أخا القدر فتدبر، ولما شرطية ما بعدها شرطها وجوابها قوله تعالى: {مَا دَلَّهُمْ على مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الاْرْضِ} واستدل بذلك على حرفيتها وفيه نظر؛ وضمير {دَلَّهُمْ} عائد على الجن الذين كانوا يعملون له عليه السلام، وقيل: عائد على آل سليمان، ويأباه بحسب الظاهر قوله تعالى بعد: {تَبَيَّنَتِ الجن} والمراد بدابة الأرض الأرضة بفتحات وهي دويبة تأكل الخشب ونحوه وتسمى سرفة بضم السين وإسكان الراء المهملة وبالفاء، وفي حياة الحيوان عن ابن السكيت أنها دويبة سوداء الرأس وسائرها أحمر تتخذ لنفسها بيتًا مربعًا من دقاق العيدان تضم بعضها إلى بعض بلعابها ثم تدخل فيه وتموت، وفي المثل أصنع من سرفة وسماها في البحر بسوسة الخشب، والأرض على ما ذهب إليه أبو حاتم وجماعة مصدر أرضت الدابة الخشب تأرضه إذا أكلته من باب ضرب يضرب فإضافة {دَابَّةٍ} إليه من إضافة الشيء إلى فعله، ويؤيد ذلك قراءة ابن عباس والعباس بن الفضل {الأرض} بفتح الراء لأنه مصدر أرض من باب علم المطاوع لأرض من باب ضرب يقال أرضت الدابة الخشب بالفتح فأرض بالكسر كما يقال أكلت القوادح الأسنان أكلًا فأكلت أكلًا فالأرض بالسكون الأكل والأرض بالفتح التأثر من ذلك الفعل.
وقد يفسر الأول بالتأثر الذي هو الحاصل بالمصدر لتتوافق القراءتان، وقيل الأرض بالفتح جمع أرضة وإضافة {دَابَّةٍ} إليه من إِضافة العام إلى الخاص، وقيل: إن الأرض بالسكون بمعناها المعروف وإضافة {دَابَّةٍ} إليها قيل لأن فعلها في الأكثر فيها، وقيل لأنها تؤثر في الخشب ونحوه كما تؤثر الأرض فيه إذا دفن فيها وقيل غير ذلك والأولى التفسير الأول وإن لم تجىء الأرض في القرآن بذلك المعنى في غير هذا الموضع، وقوله تعالى: {تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ} في موضع الحال من {دَابَّةٍ} أي آكلة منسأته والمنسأة العصا من نسأت البعير إذا طردته لأنها يطرد بها أو من نسأته إذا أخرته ومنه النسىء، ويظهر من هذا أنها العصا الكبيرة التي تكون مع الراعي وأضرابه.
وقرأ نافع وابن عامر وجماعة {مِنسَأَتَهُ} بألف وأصله منسأته فأبدلت الهمزة ألفًا بدلًا غير قياسي.
وقال أبو عمرو: أنا لا أهمزها لأني لا أعرف لها اشتقاقا فإن كانت مما لا تهمز فقد احتطت وإن كانت مما تهمز فقد يجوز لي ترك الهمز فيما يهمز، ولعله بيان لوجه اختيار القراءة بدون همزة وبالهمز جاءت في قول الشاعر:
ضربت بمنسأة وجهه ** فصار بذاك مهينًا ذليلا

وبدونه في قوله:
إذا دببت على المنسأة من هرم ** فقد تباعد منك اللهو والغزل

وقرأ ابن ذكوان وبكار. والوليد بن أبي عتبة. وابن مسلم وآخرون {مِنسَأَتَهُ} بهمزة ساكنة وهو من تسكين المتحرك تخفيفًا وليس بقياس، وضعف النحاة هذه القراءة لأنه يلزم فيها أن يكون ما قبل تاء التأنيث ساكنًا غير ألف، وقيل: قياسها التخفيف بين بين والراوي لم يضبط، وأنشد هارون بن موسى الأخفش الدمشقي شاهدًا على السكون في هذه القراءة قول الراجز:
صريع خمر قام من وكأته ** كقومة الشيخ إلى منسأته

وقرىء بفتح الميم وتخفيف الهمزة قلبًا وحذفًا و {منساءته} بالمد على وزن مفعالة كما يقال في الميضأة وهي آلة التوضىء وتطلق على محله أيضًا ميضاءة، وقرىء {منسيته} بإبدال الهمزة ياء.
وقرأت فرقة منهم عمرو بن ثابت عن ابن جبير {صَلَحَ مِنْ} مفصولة حرف جر {ساته} بجر التاء وهي طرف العصا وأصلها ما انعطف من طرفي القوس ويقال فيه سية أيضًا استعيرت لما ذكر إما استعارة اصطلاحية لأنها كانت خضراء فاعوجت بالاتكاء عليها على ما ستسمعه إن شاء الله تعالى في القصة أو لغوية باستعمال المقيد في المطلق، وبما ذكر علم رد ما قاله البطليوسي بعدما نقل هذه القراءة عن الفراء أنه تعجرف لا يجوز أن يستعمل في كتاب الله عز وجل ولم يأت به رواية ولا سماع ومع ذلك هو غير موافق لقصة سليمان عليه السلام لأنه لم يكن معتمدًا على قوس وإنما كان معتمدًا على عصا.
وقرىء {تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ} بصيغة الماضي فالجملة إما حال أيضًا بتقدير قد أو بدونه وإما استئناف بياني.